الحمد لله رب العالمين يا رب ، نسألك الصبر على البلاء ونسألك الرضا بالقضاء ونسألك الشكر في الرخاء ، اجعل أول هذا النهار صلاحا،و أوسطه فلاحا وأخره نجاحا واسمعنا فيه ما يسر أنفسنا وثبت علينا ديننا وعقولنا ، اللهم أجعل يومنا خير من أمسنا واجعل غدنا خيرا من يومنا ،اللهم لا تجعل الدنيا كل همّنا،ولا مبلغ علمنا واجعلها في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا ، وسع أرزاقنا وبارك لنا في ما أعطيتنا ،ويسر أمورنا ، وبصرنا بعيوبنا ، اشف مرضنا ، وارحم موتانا ، ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة و بعد الموت نعيما وملكا كبيرا،..نسألك علما نافعا ، و رزقا واسعا وقلبا خاشعا ، ونورا ساطعا،ولسانا ذاكرا ، وبدنا صابرا ،ورزقا حلالا وشفاء من كل داء ، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فأنت علينا قادر ، ألطف بنا في ما جرت بهِ المقادير إنك على كل شئ قدير
يا نعم المولى ويا نعم النصير غفرانك ربنا واليك المصير .
وأشهد ان لا اله الا الله وان سيدنا محمد رسول الله هو أكرم الناس و أقوى الناس و أغلى الناس .
أكرم الناس لانه :أتقى الله ، و أقوى الناس لانه:توكل على الله و أغلى الناس لانه :كان أشد الناس ثقة في الله رب العالمين.
فمن أرد ان يكون أكرم الناس فليتق الله ، ومن اراد ان يكون اقوى الناس فليتوكل على الله ،
ومن أراد ان يكون أغلى الناس فليكن بما في يدي الله أوثق منه بما في يده.
أما بعد أخواني الأعضاء لي وقفة معكم ومع موضوعي هذا والذي يتحدث عن
.: تقوى الله و معاملته لخلقه :.وسأبدأ حديثي ببعض الدلائل.
يا من له علم الغيوب ** و وصفه ستر العيوب وكل ذاك سماحُ
أخفيت ذنب العبد عن كل ** الورى كرماً فليس عليه ثَمّ جناحُ
منك التكرُّمُ والتفضُّل ** أنت الإله المنعم الفتّاحُ
قال تعالى:
(و اتقوا الله ما استطعتم).. وقال:
(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)..وقال:
(يا أيها الذين امنوا قُوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة..)سبحان الله ..النار توقد بالحطب وما شابة ..ولكن نار الاخره وقودها البشر والحجارة ، نسأل الله السلامة والعافيه.
وقال تعالى:
(يا ايها الذين امنو اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ و اتقوا الله..)الاية
تكرار الكلام يدل على أهمية الموقف
(رجلٌ من بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام .. كان يقول يا صنم اطعمني يا صنم اسقني يا صنم اشفني وبينما هو ينادي على الصنم أخطأ لسانه فقال يا صمد اطعمني ،فقال الله : لبيك عبدي ، فقال موسى : يا رب ينادي على الصنم فأخطأ وقال :يا صمد ،فقال تعالي:وهل هناك صمدُ غيري؟!) لا والله يا رب .
وفي الحديث القدسي قال: ( عبدي أخرجتك للدنيا و قذفت في قلب أبويك حُبك ، عبدي بعد ما قوي عظمك وأشتد ظهرك عصيتني ! ، عبدي أذكرك وتنساني ، أسترك ولا تخشاني ،وعزتي وجلالي لو أمرت الأرض لابتلعتك في حينها ولو أمرت البحار لأغرقتك في معينها ولكني أخرتك إلى وقت أقته وأجل أجلته ، ولا بد لك ولكل نفس من المرور عليّ والوقوف بين يدي ّأُذكرك أفعالك و أعد عليك أعمالك ، حتى إذا أيقنت بالبوار وأدركت أنك من أهل النار ، أوليتك غفراني ومنحتك رضواني وقلت لك لا تحزن فقد غفرت لك الذنوب والأوزار و من أجلك سمّتُ نفسي العزيز الغفّار ).
أبعد هذا الكلام نفعل ما كنّا نفعل في ماضينا أم نجدد علاقتنا مع سيدنا و مولانا ونتوب إليه ؟!
والله ما في ارحم على العبد من خالقه ومولاه ، ولكن ما سبب تقاعسنا وعصيانا وتكابرنا ؟
أهو كبر في النفس ، أم لهو الدنيا ،أم الشيطان ، أم ماذا ؟!
قال الحق في الحديث القدسي: (العزة ردائي والكبرياء إزاري ، فمن نازعني في احدهما .قسمته ولا أبالي )
النفس يداخلها شوب الكبر وتداخلها ظلمة التعزز ، تداخلها أوصاف لا تتفق مع مراد الله عز وجل
كلنا خطّائين ولكن .. أنتوقف ، أم نستمر ونكمل ما تبقى من النص و خير الخطّائين التوابين؟!
أخواني وأخواتي في الله .. كلام أقوله لكم علّ الله يلقي في قلبي وقلبكم نور الهداية والصلاح .
ليس العيب أن نخطئ ولكن العيب كل العيب استمرارنا على هذا الخطأ .كيف و إن كان الخطأ مع رب العزة و الجلال ؟ نسأل الله السلامة و العافية.
أحوال يُرثى لها في زمننا الحاضر للآسف ، قلّ ما نجد من ينصحك وقلّ ما نجد من يُبّين لك الخطأ من الصواب ، وقل ما نجد يُقِّومك على الخير والصلاح.
<< الا من رحم ربي.
كثيرٌ ما نسمع قوله تعالي: (إن للمتقين مفازا ، حدائق وأعنابا ، وكأسا دهاقا....)الايه ، وكثيرا ما سمعنا (تكادُ تميزُ من الغيظ)
و لكن السؤال الذي يطرح نفسه..
هل اشتقنا للجنة و فزعنا من النار ، أم إنها تمر على مسامعنا مرور الكرام ولا يُطرق في القلب سامع؟
أسمعنا قوله تعالى
ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يتشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون)
نرى الحجاره تتساقط من الجبال ونقول هذه عوامل الطبيعة (ههههههه ما اتفه تفسيرنا)
والله ما هبطت إلا من خشية الله .
إن كان الجماد يحس ويعرف فكيف بنا نحن ؟! (الشقا و البقا علينا - -" )
(وقف مرةً الإمام علي -رضي الله عنه وكرّم وجهه- في المقابر فنادي: يا أهل القبور أما أموالكم فقد قُسِمت ، وأما دياركم فقد سُكنت بغيركم ، وأما نسائكم فقد تزوجن رجالا غيركم ، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ؟)
المال الذي طفت من اجله الدنيا مشرقا ومغربا أخذه غيرك ، والدار التي بنيتها وتصبب عرقك فيها أخذها غيرك ، امرأتك التي كنت معها قد تزوجت ونام معها غيرك على فراشك.ثم سكت رضي الله عنه قليلا فقال والله لو شاء الله لهم وتكلموا لقالوا
إن خير الزاد التقوى).
خير الزاد التقوى ! .. لو تأملنا و نظرنا في باب البرزخ لوجدنا مكتوب عليه (ولقد جئتمونا فُرادى كما خلقناكم أول مره وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم)
كيف الرحيل بلا زاد الى وطن *** ما ينفع المرء غير تقواه
من لم يكن زاده التقوى فليس له*** يوم القيامة عذرا عند مولاه
سُئل سيدنا الإمام علي رضي الله عنه عن التقوى ، فقال : (الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ،والرضا بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل).
مراقبته سبحانه وتعالي في كل صغير وكبيرة ، في كل قول وفعل ، في كل حركة وسكون.
إذا ما خلوت الدهر يوما**لا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ليس القصد من خلق الأشياء و المحسوسات استخدامها في ما يكون على الهوى ..الخلق خلقوا لأجل مهمة ..وخلقت الدنيا لأجلهم.
وكل شي يسير وسهل ما دام العبد معتصم ومتمسك بحبل الله وتقواه.
قال تعالي: (عبدي كن لي كما أريد أرحتك في ما تريد ، وان لم تكن كما أريد أتعبتك في ما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد)
فرصة الان ..مقبلين على شهر كريم وفضيل .. شهر التقوى..شهر الخير والبركات ..فـ مرحبا بداعي الله، ان كنا طول السنة في لهو وعصيان نغير حالنا في هذا الشهر المبارك، لعل توبتك في هذا الشهر تجعل حياتك تنقلب من النكسة الى حياة سعادة حتى الموت وما بعد الموت.
إن لم نفعل الطاعة او نراقب أعمالنا في الأيام القليلة القادمة فـ متى ؟!
صُفدت الشياطين وغُلّقت أبواب النار وفُتِّحت أبواب الجنان و أسباب الطاعة مهيأة وميسرة في كل زمان ومكان ، ولكن ..
في هذا الشهر تُغلق أبواب العصيان ..ورحمات الله نازلة و خيراته كثيرة لا تحصى .
يقول سبحانه في صحف إبراهيم: (عبدي لا تنقط من رحمتي إن كنت بالغدر موصوف فأنا بالجود معروف ، عبدي لا تنقط من رحمتي إن كنت ذو خطايا فأنا ذو عطايا،عبدي لا تنقط من رحمتي إن كنت ذا إساءة فأنا ذو إحسان ، عبدي لا تنقط من رحمتي إن كنت ذا جفاء فأنا ذو وفاء ، عبدي لا تنقط من رحمتي إن كنت ذا غفلة فأنا ذو رحمة ، عبدي لا تنقط من رحمتي إن كنت ذا خشيةٍٍ وإنابة فأنا ذو عفو واستجابة).
أي رحمة ولطف و كرم أكبر وأوسع من رحمة ولطف وكرم الرحمن الرحيم ؟! لا يوجد.
ولكن ابعد كل ما سمعنا وقرأنا ماذا سنقرر في بواطننا !
أتعلمون لماذا لا يؤثر فينا كلام الله ؟! ، إجابة اتمنى ان اسمعها منكم ^^
وقفه مع سيدنا عمر الفاروق:
(بينما كان ماشيا رضوان الله عليه في ظلام الليل ، يجد نارا في تهتك حجاب الظلام ، فيقول لعبد الرحمن بن عوف : هيا بنا لنرى ما وراء هذه النار ،"الليل مظلم والبارد قارص . الرعية نائمون والراعي لا ينام رضي الله عنهم "
فيجد أمام النار امرأة حولها أطفالها ، أحدهم يقول أمي اكاد اموت جوعا ، والثاني يقول:
أمي أرحمي مني الضلوعا ، والثالث يقول :امي الا أحضى بأكلٍ قبل ان امضي صريعا؟ ، فيسألها سيدنا الفاروق ما هذا الذي على النار يا أمة الله ؟!،فتقول:قدرٌ بداخله ماءٌ ،وحصى أضعه على النار حتى اخدع الصبية فيناموا ، فيسألها عمر : مم تشكين ؟ فتقول له : الله الله في عمر ، "وهي لا تعرف من تكلم " فيقول لها وما ذنب عمر؟
فتقول له : أيلي أمرنا و يغفل عنا!، فأخذ عبد الرحمن بن عوف وذهب به لبيت المال .. وحمل الدقيق على ظهره وقال لحارس الخزانة أحمل عليّ ، فقال الحارس ،أحمل عنك أم عليك يا أمير المؤمنين ، فقال عمر بل أحمل عليّ ، (فكررها 3مرات )، قال عمر ثكلتك أمك بل أحمل عليّ ،
أأنت تحمل عني ذنوبي يوم القيامة؟
فيذهب اليهم ويصنع لهم الاكل ويأكل الاطفال ، فتقول الامة والذي بعث محمدا بالحق إنك أحق بالخالافة من عمر ، فيقول إذا كان الغد فأتي عمر فسأحدثه بشأنكي ،فيقول ابن عوف :المكان بارد هيا بنا يا امير المؤمنين ، فيقول والله لا اغادر هذا المكان حتى يضحكون كما اتيتهم وهم يبكون)..
لو اردت ان اعلق على هذه القصة ما وسع موضوعي هذا ولكن الشاهد... أي تقوى ومراقبة لله مثل هذه .!
طبعا ما وصلنا مثل سيدنا الفاروق عليه رضوان الله واستحالة أن يصل احد ما وصله صحابة رسول الله .. ولكن نتشبه بالركب علّنا نلحق بهم.
لنقف مع أنفسنا قليلا ونحاسبها ونتأمل عيوبنا .. ما هي عيوب بصري ؟ما هي عيوب يدي ؟
ما هي عيوب قدمي ؟ ما هي عيوب روحي؟ما هي عيوب بطني؟
والأعظم من هذا وذاك ، ما هي عيوب باطني؟
عين تمر عليها الأيام والشهور ما بكت من خشية الله .. أي عين هذه ؟
لسان دائم الغيبة و الكلام في الناس .. أي لسان هذا ؟
وقيسوا على ذلك.....الخ
العمر يمضي والحال ينتكس الى متى ؟! ..حُرقة في النفس ولكن الشكوى لله.
اللهم استر عوراتنا وامن روعاتنا و فرج كروبنا واغفر ذنوبنا وتول أمرنا وأحسن خلاصنا وفك أسرنا واجبر كسرنا وبلغنا مما يرضيك أمالنا واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا ،اللهم زين قلوبنا بالتقوى ،واجعلنا من أهل الإقبال عليك حتى نصدق ونقوى،اللهم اجعلنا من اهل سوابق السعادة والحسنى وزيادة ، لا تحرمنا يا رب خير ما عندك لشر ما عندنا. (امين)
ختاما ...
أسأل الله أن يرزقني حقيقة ما أقول ..وان ينير لي ولكم البصيرة والبصر .
وما أصاب فـ من الله وما اخطأ فـ من نفسي ومن الشيطان.
دمتم في رعاية الرحمن الرحيم وحفظه .