ربما يظن المتابع لبطولة دوري أبطال أوروبا أن وصول ثلاثة أندية إنجليزية لنصف النهائي يعبّر عن قوة الدوري الإنجليزي، وأن اللاعبين الإنجليز هم الأفضل حالياً، على الأقل في قارة أوروبا، وأن الكرة الإنجليزية تطورت إلى حدٍ كبير أكثر من غيرها في البلدان الأوروبية.
لكنَّ هذا لا يعني ذاك مطلقاً، فرغم إقرارنا بقوة الأندية الإنجليزية ومتعة الدوري الإنجليزي، إلا أن ذلك لا يعكس بأي شكل من الأشكال قوة الكرة الإنجليزية، فغالبية الأندية التي وصلت إلى مراكز متقدّمة في دوري أبطال أوروبا لم تصل بجهود لاعبين إنجليزيين، حتى أنها دخلت مبارياتها في كثير من الأحيان بوجود لاعب أو لاعبين إنجليزيين في التشكيلة الأساسية فقط.
فلو نظرنا على سبيل المثال لا الحصر لتشكيلة نادي ليفربول، لوجدناه يعتمد على جهود الهولندي ديرك كاوت والإسباني فيرناندو توريس في خط المقدّمة، ومواطنه تشابي ألونسو والأرجنتيني خافيير ماسكيرانو في خط الوسط، والبرازيلي فابيو أوريليو والإسباني الآخر ألفارو أربيلوا في خط الدفاع، في حين يبرز ستيفن جيرارد كلاعب إنجليزي وحيد في الفريق.
ومن جهة نادي تشيلسي نجد أن الإيفواري ديديه دروغبا، والغاني مايكل إيسيين، والألماني مايكل بلاك، والأوكراني أندريه شيفشينكو، والفرنسي كلود ماكليلي هم الأبرز، في حين يبرز من الإنجليز في الفريق فرانك لامبارد وجون تيري فقط.
ورغم أن مانشيستر يونايتد يعدُّ أكثر اعتماداً على اللاعبين الإنجليز من غيره، إلا أنه ليس أفضل حالاً، فنجمه وهدافه الأول البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي يخلُّ غيابه بتوازن الفريق، ومنقذ الفريق في الأزمات الأرجنتيني كارلوس تيفيز، وحامي عرينه الهولندي فان در سار هم الأبرز على الإطلاق، في حين يبرز لديه من الإنجليز واين روني.
وما يدلل على أن المكان الذي وصلت له الأندية الإنجليزية في دوري أبطال أوروبا ليس بجهود الإنجليز وحدهم، هو فشل المنتخب الإنجليزي في التأهل لنهائيات بطولة أمم أوروبا التي ستقام الشهر بعد المقبل، وعدم تحقيقه لنتائج إيجابية في كبرى البطولات العالمية، مثل كأس العالم منذ أزمنة عديدة، وهذا وحده كافٍ لإثبات أن الأندية الإنجليزية لها السمعة دون المجهود.
ومن هنا يبدو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) محقاً في التفكير بفرض قيود على تخفيض عدد المحترفين في الأندية الأوروبية، لكن يجب أن تُضبَط أولاً عملية منح الجنسية للاعبين الأجانب؛ لأنهم الأساس في تحقيق النتائج الإيجابية للفرق، وبالتالي ستكون الفرق قد حققت إنجازات لا تمثل دولها، بل تمثل هؤلاء اللاعبين.