يعد المهاجم الأخطر في عصره وهو صاحب الهدف الأروع في تاريخ كأس الأمم الأوروبية في شباك الحارس السوفيتي العملاق رينات داساييف منذ عشرين عاماً، إنه مدرب المنتخب الهولندي الحالي ماركو فان باستن.
عرف فان باستن كيف يزج بلاعبين شبان في تشكيلة المنتخب الهولندي الأول المشتاق للألقاب التي صام عنها منذ عام 1988م عندما أحرز البرتقالي الكأس الأوروبية الوحيدة في خزائنه، وبفضل فان باستن هداف المسابقة آنذاك برصيد 5 أهداف.
لم يكن فان باستن ذاك المدرب القدير عندما استلم مهام تدريب هولندا نظراً لخبرته القليلة مع ناشئي أياكس أمستردام، حيث لم يتعد الأربعين، لكنه بعد أن خلف ديك أدفوكات الذي قاد الـ "أورانج" إلى نصف نهائي أوروبا 2004م تمكن "سان ماركو" (لقب أطلق عليه في إيطاليا) من تحقيق نقلةٍ نوعيةٍ خصوصاً على صعيد إشراك وجوه جديدة من الدوري الهولندي، والتخلي عن بعض الأسماء البارزة مثل إدغار دافيدز وكلارينس سيدورف ومارك فان بوميل.
لم يحقق فان باستن (43 عاماً) نجاحاً لافتاً في امتحانه الأول في مونديال 2006م، فخرج من الدور الثاني إثر مباراةٍ ناريةٍ وحاميةٍ أمام البرتغال، شهدت اشكالاتٍ عدة بين اللاعبين وأرقاماً قياسيةً في عدد البطاقات الملونة (7 صفراء و2 حمراء).
بقي فان باستن يجرب اللاعبين الصاعدين من منتخبات الفئات العمرية وخصوصاً بطل أوروبا تحت 21عاماً خلال 2006 و2007، فسلك طريق تصفيات أوروبا 2008م بنجاح، إذ حل ثانياً بفارق 3 نقاط خلف رومانيا محققاً 8 انتصارات وتعادلين وخسارتين.
لم يتخل فان باستن عن أصول الكرة الهولندية وفلسفة المعلم الراحل رينوس ميتشلز، فبقي داعماً للكرة الشاملة معتمداً طريقة 4-3-3 التي يعيبها أنها مكشوفة وسهلة التوقع، غير أن الكرة الحديثة لا تتماشى مع اللعب الاستعراضي، فاضطر المدرب الشاب أن يساوم بعض الشيء حتى يقترب من الألقاب التي عرفها عن كثب كلاعب فعدل خططه.
غياب النتائج الجيدة لم يضع فان باستن في مرمى السهام مبكراً إذ ساعدته سمعته الذهبية في تخطي المطبات، لكن صبر الجمهور نفذ فأطلق على المدرب الشاب ألقاباً قاسيةً مثل "دمية يوهان كرويف" (مستشاره) والمدرب "القاسي والعنيد"، وخصوصاً بعد تجاهله لرود فان نيستلروي هداف مانشستر يونايتد الإنجليزي سابقاً وريال مدريد الإسباني حالياً.
وتمكن "المدرب الذكي" على حد وصف نيستلروي له من قلب تكتيكه وإعادة استدعاء بعض المغيبين عن التشكيلة مثل هداف ريال مدريد الإسباني نفسه والأهم من ذلك أنه لم يعد يطيع كرويف في كل شيء بعد أن عارض بعض أفكاره فوقعت القطيعة بينهما بعد أن كان يستشيره قبل كل مباراة ولم يكلمه منذ شهرين نتيجة "تضارب في الآراء" بعد أن وقع "بجعة أوتريخت" (لقب فان باستن عندما كان لاعباً في أوتريخت) عقداً لتدريب أياكس أمستردام انطلاقاً من الموسم المقبل، وكان من المفروض أن يستلم كرويف منصب مدير الفريق.
تفتحت موهبة فان باستن اللاعب في بطولة العالم للشباب 1983م ولمع نجمه مع فريق العاصمة أياكس أمستردام الذي سجل له 128 هدفاً بينها هدف الفوز في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية أمام لوكومتيف لايبتزيغ الألماني الشرقي عام 1987م قبل أن ينتقل بصفقةٍ بلغت قيمتها 5ر2 مليون يورو إلى نادي ميلان الإيطالي.
لا تزال تلك التسديدة عالقة في الأذهان كرةٌ عرضيةٌ من الجهة اليسرى عكسها أرنولد موهرن فقابلها فان باستن "المرهق" بيمناه طائرةً انفجرت في سقف شباك مرمى حارس الاتحاد السوفيتي داساييف أحد أبرز الحراس في العالم آنذاك في نهائي كأس أوروبا 1988م التي أحرزتها هولندا بهدفي فان باستن ورود خوليت فانهمرت دموع المدرب ميتشلز وذهل جمهور ملعب ميونيخ الأولمبي.
ولا يعتبر فان باستن هدف نهائي 1988م الأجمل له رغم أنه الأشهر، حيث يصنف هدفه في مرمى دن بوش قبلها بعام عندما كان في صفوف أياكس الأجمل من كرة أكروباتية رائعة لعبها من حدود المنطقة واخترقت مقص المرمى.
كثر الفوز بالألقاب بعدها مع ناديه ميلان، فأحرز كأس أوروبا للأندية البطلة مرتين مع ميلان 1989 و1990، والكرة الذهبية 3 مرات وهو رقم قياسي، واجتاح الألقاب الفردية والجماعية حتى فاز بكل شيء إلا بكأس العالم التي خاضها عام 1990م حيث خرج من الدور الثاني أمام ألمانيا.
عكرت الإصابات مسيرة النجم الشاب، فرضخ لتآكلات المدافعين الشرسين في الدوري الإيطالي ولم تنفع الجراحات المتكررة التي خضع لها حتى يعود إلى الملاعب فاعتزل اللعب وهو في أوج عطائه.